بصفته سائقًا ناشئًا تمكن السائق الفرنسي إستيبان أوكون من التغلب على السائق المُرتبط بعقد في الفورموﻻ واحد الهولندي ماكس فيرشتابن وسائقي بُطولة سباقات السيارات السياحية الألمانية “دي تي أم” البريطاني طوم بلومكفيست والنمساوي لوكاس آور للحُصول على لقب فورموﻻ 3 لموسم 2014، إذًا لماذا هو الوحيد الذي انتقل إلى “جي بي 3″؟ – يشرح لنا ماركوس سيمونز الأمر:
يُعتبر المآل الذي وصل إليه السائق الفرنسي إستيبان أوكون واحدةً من أكثر القصص تعقيدًا في فترة اﻹجازة الشتوية لرياضة المُحركات الفاصلة بين موسمين، وهو أمر يُعطينا باختصار فكرةً عن الحالة الغريبة التي وصلت إليها الرياضة إليها.
وﻷولئك الذين لم يُتابعوا هذا المُسلسل اﻷنجلو – فرنسي الطويل، تمكن أوكون من إحراز لقب بُطولة فورموﻻ 3 اﻷوروبية مُتفوقًا على طوم بلومكفيست وماكس فيرشتابن في شهر أوكتوبر/ تشرين الأول الموسم الماضي، وظهر ﻷول مرة في الفورموﻻ واحد في فترة التجارب الحرة ليوم الجُمعة لسباق جائزة أبوظبي الكُبرى مع فريق لوتُس، كما أجرى اختبارات للقيادة مع فريق دامس في سلسلة سباقات “جي بي 2″، …. ولكنه اﻵن يقود في سلسلة سباقات “جي بي 3”.
ومن الواضح تمامًا أن هذا اﻻنتقال بمثابة خطوة جانبية في نفس المُستوى التسابقي تقريبًا وليس انتقاﻻً لفئة تسابق أعلى في سلم فئات التسابق، مع الحركة المُثيرة للسخرية لسلسلة “جي بي 3” ﻹعادة ضبط المُستوى لعبارة “خطوة تسابق للأمام” مُنذ تقديم السيارة الجديدة للسلسلة عام 2013.
رُبما يكون هذا عاملاً مُساهمًا في أن “جي بي 3” لا تحظى نفس المُستوى من اﻻهتمام العام كالذي تحظى به الفورموﻻ 3. كيف نعرف هذا؟
خلال فترة اﻻثني عشر شهرً الماضية، حظيت اﻷخبار والقصص ذات الصلة بسلسلة “جي بي 3” بنسبة 79 بالمئة من المُتابعات التي حظيت بها أخبار وقصص سلسلة فورموﻻ 3، وتتضمن الفئة اﻷخيرة سلسلة سباقات فورموﻻ 3 البريطانية التي تحتضر وفي أيامها اﻷخيرة.
كل هذا يحصل على الرغم من أن سائقًا بريطانيًا يحظى بالشعبية (أليكس لين) هو من فاز بلقب “جي بي3″، علمًا بأنه يتلقى دعمًا من مُبادرة ريد بُل للسائقين الناشئين.
إذًا لماذا تُعتبر هذه السلسلة حالة غريبة في الرياضة، كما ذكرت في افتتاحية المقال هذا؟
حسنًا، يتحسن أداء السائقين كُلما تدربوا في أعمارٍ أصغر، لذا وفي الوقت الذي يصل فيه سائقٌ يافع عادي إلى فورموﻻ 3 فإنه لا يكون بعيدًا فعلاً عن كونه سائقًا مصقول المهارات.
برنامج اﻹدارة لدى شركة غرافيتي، الذي قدم الكثير للسائقين الفرنسي رومان غروجان واﻷلماني ماركو فيتمان على سبيل المثال، استثمر الكثير من المال في صقل الموهبة الغضة التي رأيناها في أوكون عندما اختارته كسائق كارتينغ في مرحلة الدراسة.
ولماذا؟ الفضل في ذلك يعود للكارثة التجارية ومُعاناة الفرق بحيث أصبح من شبه المُستحيل الدخول إلى الفورموﻻ واحد. وسيكون من السهل تمامًا تلميع صورة موهبة ناشئة تبلغ من العمر 18 عامًا مثل أوكون.
ومع التفكير في ذلك، فإن على كل شركة إدارة تستحق مكانتها عليها أن تعتمد على برنامج مُوازي – نعم، اغتنام فُرصة المُشاركة في الفورموﻻ واحد إن سنحت الفرصة لذلك، وإﻻ سيكون عليها أن تكون مُنفتحةً تجاه بدائل أخرى: بُطولة السيارات السياحية الألمانية “دي تي أم”، أو بُطولة العالم لسباقات التحمل “دبليو إي سي”، أو بطولات التسابق اليابانية، أو إندي كار وغيرها.
تبدو الحدود بين غرافيتي وفريق لوتُس في الفورموﻻ واحد غير واضحة – وبما أن لدى الشركتان مُليكة مُشتركة، لذا كان من الطبيعي أن يرتدي سائقوها الناشئون بذات تسابق تحمل اللونين اﻷسود والذهبي الشعار المُميز لفريق لوتُس.
ينطبق نفس اﻷمر على قميصي الفرنسيان غوينايل ﻻغرو وستيفان غويرين الذين يُشرفا على غرافيتي، حيث تمكن هذا الفرنسيان اللطيفان وبطريقةٍ تبعث على السُرور بإحياء الصورة النمطية لجيراننا على الضفة الأخرى من القنال اﻹنجليزي من خلال ذقنهما خفيفة الشعر والسجائر. (قد يكون اﻷمر أفضل لو استبدلوا الألوان الرسمية لفريق لوتُس العتيقة الطراز، باللونين اﻷبيض واﻷزرق التي حملتها سيارات فريق ليجييه الفرنسي إبان حقبة رعاية سجائر جيتان، ولكن لا يُمكنك الفوز بكل شيء!)
ومع ذلك، يُشدِّد ﻻغرو على هذا دائمًا، وكشركة مُتخصصة في مجال اﻹدارة، بأن مهمة غرافيتي هي التوصل ﻷفضل صفقة لسائقيها، سواء كان ذلك مع فريق لوتُس أو غيره.
ولهذا اﻷمر، من المُتوقع أن يتم اﻹعلان عن التعاقد مع أوكون كسائق احتياطي لدى فريق مرسيدس المُشارك في بُطولة ألمانيا للسيارات السياحية “دي تي إم”، إضافة إلى أنه سائق رسمي لدى فريق آرت غران بري العريق في “جي بي 3”.
وقد لا نُبالغ إن أشرنا إلى أنه قد يُتاح له الفرصة في المُستقبل القريب، بصفته “سائقًا ناشئًا” لدى مرسيدس، بلعب دور ضمن برنامج الفورموﻻ واحد للشركة التي تتخذ من شتوتغارت مقرًا لها.
يعود تاريخ علاقة أوكون المُتوازية مع مرسيدس إلى خريف 2013، عندما أجرى، بصفته وصيف بطل كأس فورموﻻ رينو اﻷوروبية، اختباره اﻷول مع فريق بريما باوَرتيم للفورموﻻ 3 الذي يستخدم مُحركات مرسيدس.
قاد السيارة في تلك التجارب على حلبة إيموﻻ اﻹيطالية القاسية، وعلى الفور أراده فريق بريما كسائقٍ أساسي في الفريق لموسم 2014 (لدرجة أنه شارك في سباق جائزة ماكاو الكبرى للفورموﻻ 3 عام 2013)، وكان أوكون واحدًا من مجموعة سائقين يُعدون على أصابع اليد الواحدة ممن يحظون بدعمٍ من مرسيدس مُنذ الموسم الماضي (إلى جانب السائقين السويدي فيليكس روزنكفيست، والنمساوي لوكاي آور والبورتوريكي فيليكس سيراليس)، وأدى عملاً رائعًا بتحقيق لقب السلسلة قبل سباق واحد من نهاية الموسم.
نعم، لقد نافس ضد فيرشتابن – الذي يُشارك في الفورموﻻ واحد اﻵن مع فريق تورو روسو – إضافةً إلى بلومكفيست وآور، الذان يُشاركان كمُحترفين بدوام كامل في بُطولة ألمانيا للسيارات السياحية “دي تي إم”.
هل سيقوم بعملٍ فعَّال في الفورموﻻ واحد كالعمل الذي يقوم فيرشتابن؟ من الصعب علينا قول نعم – كان أفضل الهولندي – البلجيكي في الفورموﻻ 3، ولكنه لم يتمكن من ترجمة أدائه إلى نتائج مُمتازة بشكلٍ دائم، وإﻻ لتمكن البريطاني مارك هاينز أو البرازيلي لوتشيانو بورتي من الفوز بلقب بُطولة العالم في الفورموﻻ واحد لموسم 2009 لفريق براون بدلاً من البريطاني جنسون باتون الذي كان يُثنافسهما في موسم 1999 للفورموﻻ 3 وحل باتون ثالثًا خلفهما في نهاية ذلك الموسم.
ولكن ما هُو مُؤكد أن أوكون لديه اﻹمكانية ليكون سائقًا جيدًا فعلاً في الفورموﻻ واحد، وهنالك العديد من اﻷشخاص في مرسيدس ولوتُس ممن يعتقدون ذلك.
ظهر أوكون في ضيافة الفورموﻻ 3 على حلبة هوكنهايم اﻷلمانية، مع ابتسامته الرياضية التي لا تُفارق مُحياه وحرص على لقاء زُملائه القُدامى.
لقد كان مُتواجدًا هناك في نهاية اﻷسبوع اﻷولى له ﻷداء مهمة قيادة سيارة بُطولة ألمانيا للسيارات السياحية “دي تي أم”وبرفقته ضُيوف – رُبما لا تُعتبر المهمة اﻷكثر إمتاعًا في العالم لشخصٍ من عياره، ولكنها بداية حقبة جديدة على أمل أن تُساهم في اندماجه ضمن بُنية مرسيدس.
وبالتأكيد لا يعتبر أوكون “توقفه” في “جي بي 3” على أنه أمر سيء، بل يذهب إلى حد اﻹشارة لكونه محظوظًا في المُشاركة في عالم السباقات بشكلٍ عام، وهنالك العديد من السائقين اﻵخرين الذي لم تُتاح لهم الفُرصة في اﻻستمرار في السباقات.
هذه علامة على الخلفية الجيدة، شابٌ لطيف وبذهنية نأمل أن تُساعده جيدًا كما تُساعده شركة غرافيتي في تخطيط مسيرته نحو اﻷعلى – على حسب ما تستطيع.
وفي عالمٍ تُصبح فيه تكاليف المُشاركة في رياضة المُحركات باهظةً إلى حدٍّ يُثير الخوف، فإن حقيقة أن يتمكن شاب يافع من عائلة مُتوسطة الثراء من منطقة النورماندي – حيث يُدير والده مرآبًا صغيرًا وكان يُحضر بنفسه سيارة الكارتينغ التي يقودها ابنه الصغير لخفض تكاليف مُشاركته قبل أن تستدعيه غرافيتي – حيث يتعيَّن على الفورموﻻ واحد أن تشعر باﻹعجاب تجاه هذه القصة الرائعة بحد ذاتها.
رُبما لم يتمتع أبدًا بتلك الضجة حول كما التي تمتع بها فيرشتابن الجريء، ولكن ذلك لا يعني أن تقول بأنه لا يتمتع بالموهبة ليتحدي مُستقبلاً مُنافسه السابق في الفورموﻻ ٣ على ألقاب بُطولة العالم.
وبالنسبة لأوكون قد تكون “جي بي 3” خطوةً جانبيةً لغاية اﻵن، ولكنها خطوة قد تحمله إلى طريقٍ آخر فيه نتائج أفضل على المدى البعيد.