أثناء تواجد أوتوسبورت عربية على حلبة البحرين الدولية كجزءٍ من التغطية المُباشرة والحصرية للتجارب الشتوية لموسم 2014 من بطولة العالم للفورمولا واحد، تكرّم الشيخ سلمان بن عيسى آل خليفة، مدير حلبة البحرين الدولية، بالجلوس معنا في مُقابلةٍ حصرية للحديث عن نجاح الحلبة في إستضافة سباق ليلي في بطولة العالم للفورمولا واحد لهذا العام، بالإضافة الى العديد من الأفكار التي تتعلق بمُستقبل رياضة المُحركات في البحرين، التي يُطلق عليها “موطن رياضة السيارات” وفي عربية.
تتميّز حلبة البحرين الدولية باستضافتها المُبهرة لكافة المُتواجدين على الحلبة، من السائقين وأعضاء الفرق، وصولاً إلى الصحافيين والمُتابعين. والتي تتماشى مع عادات وتقاليد المنطقة المشهورة بواجب كرم الضيافة.
سباق جائزة البحرين الكُبرى لعام 2014 سيكون مُميزاً للغاية، إذ أنّه لا يُشكل فقط الذكرى السنوية العاشرة لانطلاق السباق الأول في هذه المملكة، بل سيكون مع حدث تاريخي يتمثل بتبديل موعد السباق، بحيث يُصبح سباقاً ليلياً بعد تجهيز الحلبة بكافة المُتطلبات التي تسمح بتحقيق ذلك.
وعند سؤال الشيخ سلمان بن عيسى آل خليفة إن كان يتوقع زيادة نسبة المُشاهدة لهذا العام مُقارنةً بالأعوام السابقة، أجاب بأنّ زيادة عدد المُتوافدين إلى الحلبة كانت من أهم أسباب نقل موعد بدء السباق.
ويقول الشيخ سلمان: “من ناحية المُتابعة التلفزيونية، لطالما إحتل سباق البحرين مراكز مُتقدمة في نسبة المُشاهدة مُقارنةً ببقية الجولات، إذ تواجد ضمن المراكز الخمسة الأولى بشكلٍ دائم”.
ويُتابع قائلاً: “لا يُعتبر يوم الأحد يومَ عطلةٍ رسمية في مملكة البحرين، كما هي الحال في مُعظم الجولات الأُخرى من البطولة، وبالتالي كان من الصعب في السابق أن يتمكن الأطفال الذين يُريدون مُتابعة السباق، والقدوم إلى الحلبة، تحقيق ذلك بسبب ضيق الفترة الزمنية بين إنتهاء اليوم الدراسي وانطلاق السباق.
تغيير موعد بدء السباق سيُسهّل على موظّفي الشركات وعلى طلاب المدارس متابعة المنافسات. وهناك زيادة ملحوظة في الاهتمام والإقبال على بيع التذاكر منذ الآن، وبالتالي نتوقّع زيادة نسبة الجماهير في المدرجات”.
كما يؤكّد الشيخ سلمان أنّ موعد السباق الليلي لن يتم إعتماده لسنةٍ واحدةٍ فحسب، وتحديداً فقط ضمن فعاليات الذكرى السنوية العاشرة، كما كانت الحال خلال عام 2010 من بطولة العالم للفورمولا واحد، حين تمّ إعتماد تعديلات على مسار الحلبة كجزءٍ من فعاليات الاحتفال بالذكرى السنوية الـ60 لإنطلاق بطولة الفورمولا واحد. وإنّما تمتلك الحلبة مُخططاً طويل الأمد فيما يتعلق بإستضافة السباق الليلي، ولن يقتصر الأمر على الفورمولا واحد فحسب.
ويُضيف الشيخ سلمان: “الاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة يُعتبر أمراً هاماً للغاية، إذ نريد إستضافة حدث نتميز من خلاله بأصالتنا وبتقاليد مملكة البحرين. تُعتبر هذه، بداية مشروع نهدف إلى إستكماله خلال السنوات القادمة، إذ ننظر أيضاً إلى إستضافة الفعاليات الأخرى على مدار العام. حيث أصبحت روزنامة البطولة محجوزةً بالكامل منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي.
ولدينا فعاليات مُختلفة في كلِّ يومٍ، ومع وجود الإضاءة الكاملة، تزداد الفترة الزمنية التي نستطيع خلالها إستضافة الأحداث والفعاليّات بدلاً من محاولة نقلها إلى فصل الصيف، حيث لدينا أربعة أو خمسة شهور فقط حيث نتمكن خلالها من استضافة الفعاليات والجولات.
إنّه أمرٌ متكامل. فمن الناحية التجارية، نستفيد بشكلٍ كبير مع إزدياد عدد المُتوافدين إلى الحلبة إضافةً للفورمولا واحد. إلى جانب رغبتنا بإظهار تميُّزنا وشخصيتنا الخاصة في الفئة الأولى من رياضة المُحركات، عبر التأكيد على إرتباطنا وإنخراطنا في مشروع الفورمولا واحد على المدى الطويل”.
ولا يقتصر توقف قطار الفورمولا واحد في عربية عند محطة البحرين، حيث من الواجب ذكر جائزة أبوظبي الكُبرى، والتي تتميز بموعد مُميز لانطلاق السباق، إذ يبدأ مع غروب الشمس لينتهي في الليل. أمّا فيما يتعلق بحلبة البحرين، فلا يوجد مُخططات لاستضافة سباق جائزة الفورمولا واحد الكُبرى في هذا الموعد، وذلك من أجل إتاحة الفرصة أمام أكبر عدد من المُتابعين للقدوم إلى الحلبة، وذلك حسب تصريحات الشيخ سلمان، والّذي يُتابع: “أعتقد أن إنطلاق السباق في الساعة السادسة مساءً يُعتبر مثالياً، وهذا هو هدفنا. نشعر بالسعادة لدخول إمارة أبوظبي عالم الفورمولا واحد عام 2009، إلاّ أننا لا نقوم بمنافسة بعضنا البعض، وإنّما يقوم كلٌّ منا بإكمال دور الآخر من أجل بناء أسس صحيحة لرياضة المُحركات في المنطقة، فيما يتعلق بالسباقات الأخرى في منطقتنا”.
كما يؤكّد الشيخ سلمان بأن إقامة سباقات ليلية لن تقتصر على بطولة الفورمولا واحد فقط، وإنّما ستقوم إدارة الحلبة بتقييم طلبات كافة البطولات الّتي تُريد إقامة سباق ليلي على الحلبة.
ويشرح الشيخ سلمان وجهة نظره فيقول: “كانت البطولات التي تُريد إقامة سباق ليلي في عربية تتوجه إلى قطر أو الإمارات حصراً، أما الآن فأصبحت حلبة البحرين الدولية مُتوفرة من أجل تحقيق ذلك. فعلى سبيل المِثال، هناك بطولة “بورشه جي تي 3:” عربية، والتي تتخذ من حلبة البحرين الدولية مقراً لها، وبالتالي سيُصبح خيار إقامة سباق ليلي على هذه الحلبة أمراً سهلاً بالنسبة للقيمين على البطولة. ولكن في الوقت الحالي سينصب تركيزنا بشكلٍ كامل على بطولة العالم للفورمولا واحد من أجل ضمان استضافة سباق ناجح.
ومن الأمور الأُخرى التي توفرها حلبة البحرين الدولية بعد أن أصبحت مُضاءةً بالكامل إمكانية تطويل مُدة السباقات على الحلبة. فعلى سبيل المثال في حال كانت مدة أحد السباقات تبلغ ثلاث أو أربع ساعات، سيصبح بالإمكان إطالة هذه المُدة لتصبح ست ساعات. ولم يكن هذا الأمر مُمكناً في السابق، حيث كان يتوجب علينا إيقاف السباق في حال غروب الشمس وحلول الظلام. هذا العامل لن يقف في طريقنا من الآن فصاعداً”.
ويتابع الشيخ سلمان: “تستضيف حلبة البحرين الدولية بطولة “إم آر إف”، وهي بطولة هندية لسباقات لسيارات المقعد الأُحادي، شديدة المنافسة. وهُناك مُخططات لجعل سباق هذه البطولة يبدأ بشكل مُماثل لبداية سباق الجائزة الكُبرى للفورمولا واحد على حلبة أبوظبي. هناك العديد من الأفكار والمشاريع التي نودّ تطبيقها”.
بعد النجاح الباهر الّذي حققته حلبة البحرين الدولية عند إستضافة جولة من بطولة العالم لسباقات التحمل الـ “دبليو إي سي”، مع سباق 6 ساعات في البحرين، كان من الطبيعي أن تزداد التساؤلات عن إمكانية إقامة سباق 24 ساعة على حلبة صخير في المُستقبل، على غرار سباق 24 ساعة في لومان الشهير. الشيخ سلمان كان لديه العديد من الأفكار الطموحة للمُستقبل، والتي تهدف بشكلٍ أساسيّ لضمان تميّز حلبة البحرين الدولية بين جميع الحلبات في العالم، إذ قال: “بطولة العالم لسباقات التحمل مبنية على سباق 24 ساعة في لومان حيث تتميز بروح هذا السباق بشكلٍ أساسي، بالإضافة لوجود العديد من الجولات الأُخرى التي تبلغ مدة السباقات فيها ست ساعات.
قمنا بتقديم طلب من أجل استضافة سباق أطول، ولكنه لن يتمثّل في سباق لمدة 24 ساعة، إذ أننا نريد أن نتميز عن بقية الجولات، وفي حال تمّت الموافقة على هذا الطلب ستتم إطالة السباق. من المُستبعد حصول ذلك هذا الموسم، ولكن ربما في المواسم القادمة.
نريد أن نكون مُتميزين في هذه البطولة، بحيث يوجد سباق 24 ساعة في لومان الشهير، وهوَ سباقٌ تاريخي إنطلق منذُ ما يُقارب 100 عام، بالإضافة لوجود سباق مُتميز في حلبة البحرين الدولية يمتد لـ 10 ساعات أو 12 ساعة، وهناك الجولات الأُخرى المتبقية والتي تمتد سباقاتها لفترة ست ساعات”.
تتوفّر العديد من الحلبات التي ترتقي لأفضل المعايير الدولية في عربية، ومن أبرزها حلبة البحرين الدولية، وفي ظلِّ وجود هذه المنشآت، هناك العديد من التساؤلات عن المُخططات المُستقبلية من أجل زيادة الوعي تجاه رياضة المُحركات في العالم العربي من أجل ضمان وصول المواهب إلى أفضل البطولات في العالم.
يعتقد الشيخ سلمان أن التركيز على بطولات الكارتنغ الإقليمية يُعتبر العامل الرئيسي من أجل وضع أسس صحيحة لبناء رياضة المُحركات بشكلٍ صحيح، ويشرح ذلك فيقول: “الأمر الأهم هو زيادة عدد السائقين المُشاركين في الكارتنغ. كل من يدخل هذه الرياضة يكون سائق كارتنغ في بداية الأمر، ولكن هناك من يكتشف بأنه لا يمتلك الموهبة الكافية فيما يتعلق بالقيادة، وبالتالي ينتقل للتركيز على العمل الهندسي أو الميكانيكي في رياضة المحركات.
لا يجب علينا التركيز على وجود السائقين فحسب، بل التركيز على بناء قاعدة مُتكاملة لرياضة السيارات من حيث تشجيعنا للمهندسين والميكانيكيّين أيضاً”.
وهناك العديد من الجنود المجهولين الذين يقومون بالإشراف على كافة الأحداث الرياضية على حلبة البحرين الدولية، ألا وهم المُتطوّعين، لذا تحدّث الشيخ سلمان بثقة كبيرة عن هؤلاء الذين وصفهم بأنهم من الأفضل حول العالم، بعد أن تلقّوا أفضل التدريبات بشكلٍ مُكثف منذ عام 2004، وقال: “هؤلاء المتطوعون قاموا بتدريب المتطوعين على حلبة مرسى ياس في أبوظبي، كما قاموا بالمُشاركة في جائزة الهند الكبرى، ويتم طلب الاستعانة بهم في العديد من المُناسبات”.
وإختتم الشيخ سلمان المُقابلة بالحديث عن الدور الفاعل لحلبة البحرين الدولية وللاتحاد البحريني للسيارات في إتّخاذ قرارات فاعلة على المستوى العالمي، وذلك عن طريق تسلم العديد من المسؤولين البحرينيين مناصب رفيعة المستوى في الهيئات الإدارية لرياضة المحركات، وقال: “لدينا أعضاء في العديد من اللجان الرئيسية للاتحاد الدولي. في هيئة الإشراف على الحلبة، هيئة الإشراف على الروزنامة، الهيئة الطبية، هيئة الإشراف على سباقات الـ “دراغ”، وهيئة الإشراف على سباقات الكارتنغ. يقومون بتقديم أفكارهم بشكلٍ دائم.
في الوقت ذاته، نقوم بنقل صورة صحيحة عن منطقتنا، والتي تتوافر فيها كوادر تتمكن بإتّخاذ قرارات فعالة على المستوى العالمي. هذا الأمر يتمثل بترأس الشيخ عبد الله بن عيسى لاتحاد الكارتنغ. نحن فخورون للغاية لوجود إنسان عربي، بحريني، مسؤول عن بطولات الكارتنغ العالمية”.
في النهاية، توجّه الشيخ سلمان بالشكر لفريق أوتوسبورت عربية، مُقدراً الجهود المبذولة من أجل زيادة الوعي تجاه رياضة المُحركات في منطقتنا.
هناك العديد من الطموحات لحلبة البحرين الدولية، والتي في حال تحققت، ستجعل من المملكة محطّة لكافة الأنظار العالمية فيما يتعلق برياضة المُحركات. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ستتمكن حلبة البحرين، بالفعل، من تحقيق كافة هذه الطموحات؟ لا يوجد أي سبب يمنع للاقتناع بغير ذلك، خصوصاً في ظل توافر الكوادر اللازمة وجميع عوامل النجاح.