احتاج فريق ماكلارين لفترةٍ زمنيةٍ طويلة لتقرير تشكيلة سائقيه لموسم 2015 من بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد، ويعتقد غاري أندرسون أن الفريق اتخذ الخيار الصحيح بالإبقاء على خدمات جنسون باتون إلى جانب فرناندو ألونسو.
قرار فريق ماكلارين بإبقاء جنسون باتون ليزامل فرناندو ألونسو السنة المقبلة هو القرار الصائب.
طوال فترة عملي في فرق الفورمولا واحد، كنت أجد أن السائقين اليافعين، المتعطشين لتحقيق الفوز مثل روبنز باريكللو، إيدي إيرفاين، رالف شوماخر، وجيانكارلو فيسيكللا بإمكانهم تحقيق نتائج ممتازة.
ولكن، نظراً لحاجة ماكلارين ضمان عمل محرك هوندا الجديد بشكلٍ صحيح، كان قرار الإبقاء على خدمات باتون منطقياً، إذ أنه يمتلك خبرةً كبيرةً في العمل مع اليابانيين عندما كان يسابق لصالح هوندا. ستكون له اليد العليا في معرفة كيفية إنجاز اليابانيين لمهامهم بشكلٍ مختلف.
حظي جنسون باتون بنهايةٍ قويةٍ في عام 2014، إذ كان ينهي السباقات ضمن المراكز الخمسة الأولى بشكلٍ مستمر في ظل تحسن تأدية سيارة ماكلارين. وفي عامه الـ34، ما زال في أوج عطائه ولم تغرب شمس مسيرته الاحترافية.
الأمر الأساسي في استخلاص أقصى طاقات المحركات الجديدة (بعد أن تتمكن الفرق من ضمان إكمال هذه المحركات للفةٍ أو لفتين دون مشاكل) هو وضع النظام البرمجي الأمثل الذي يضمن عمل كافة أجزاء وحدة توليد الطاقة بشكلٍ متناسق.
يمتلك جنسون باتون خبرةً كبيرةً في تقديم المعطيات الدقيقة والللازمة التي يحتاجها كل من ماكلارين وهوندا. هل تذكرون المشاكل التي واجهها بعض مصنّعي المحركات في بداية عام 2014؟ كان هؤلاء المصنّعين لديهم ثلاثة أو أربعة فرق تعمل لصالحهم من أجل إصلاح هذه المشاكل. لدى هوندا فريق واحد فقط، ويجب عليهم استغلال كافة الفرص المتاحة.
أنا مسرورٌ لأن فريق ماكلارين لم يستغنِ عن كيفن ماغنوسن بشكلٍ نهائي، إذ أنه حظي بموسمٍ أول جيد في الفورمولا واحد. كما هو متوقّع، كانت هناك بعض الأخطاء وبعض الجولات المزرية ضمن بعض اللحظات اللامعة، لكنه أثبت أحقيته وجدارته في الاستمرار في بطولة الفورمولا واحد.
يزعم فريق ماكلارين أن ماغنوسن سيكون متواجداً كسائقٍ أساسي في سنة 2016، ومن الممكن أن يكون ذلك مع فريق سيتزود بمحركات هوندا في تلك السنة، وبالتالي عليه التحلي بالصبر فقط. كما من الممكن أن تكون انعكاسات الوضع الحالي إيجابية بالنسبة له في حال واجهت محركات هوندا العديد من المتاعب والمشاكل في سنة 2015. في حال واجه فريق ماكلارين موسماً سيئاً، كان سيكون من السهل توجيه اللوم للسائق اليافع الذي يفتقر الخبرة وتحميله مسؤولية هذه المشاكل، ما كان سيؤدي لتدمير مسيرة ماغنوسن الاحترافية.
بالتأكيد، لن ينظر ماغنوسن إلى الأمور بهذه الطريقة في الوقت الحالي، ولكن يجب عليه التركيز على العمل المطلوب منه فقط، إنجاز مهامه في جهاز محاكاة القيادة واستغلال كافة الفرص المتاحة من أجل قيادة السيارة.
مع كل من باتون وألونسو، يمتلك فريق ماكلارين إحدى أقوى تشكيلات السائقين في الفورمولا واحد. من النادر وجود سائقَين تمكنا من الفوز بلقب بطولة العالم ضمن نفس الفريق، وهناك أسئلة تطرح منذ الآن حول آلية التعامل والتعاون بين باتون وألونسو.
نفس هذه التساؤلات كانت مطروحة عندما انضم باتون لفريق ماكلارين عام 2010 ليزامل لويس هاميلتون، ولم تكن النتائج سيئةً كما توقع العديد. ميزان القوى بين الثنائي سيعتمد على السيارة أولاً وأخيراً.
لعلّ أكبر مخاوفي في حال كنت أدير فريق ماكلارين هي أن كل من باتون وألونسو يرغبان بخصائص مختلفة للغاية في ما يتعلق بمعايير ضبط السيارة وأسلوب القيادة. يحتاج باتون لسيارة متزنة بشكلٍ جيد تسمح له بدخول المنعطفات بسرعة كبيرة. في حال لم تكن خلفية السيارة مستقرة عند مدخل المنعطفات، سيتضرر زخمه، وفي حال لم تنعطف مقدمة السيارة بشكلٍ جيد، لن يتمكن من رفع الحد الأدنى لسرعته.
أما بالنسبة لألونسو فهو يفضل سيارة تحتاج لزاوية انعطاف أكبر لمقود السيارة ضمن المنعطفات. لعل أبرز الأسباب التي مكّنت ألونسو من التغلب على كيمي رايكونن العام الحالي هي تمكّنه من التغلب على انعدام نسبة التماسك في سيارة فيراري بسبب طريقة تعامله مع مداخل المنعطفات عند الكبح. فمع زعزعة استقرار مؤخرة السيارة، بإمكان ألونسو ضمان الانعطاف بشكلٍ صحيح ولديه الخبرة والقدرة للسيطرة على المؤخرة.
هذه الأساليب من القيادة مختلفة بشكلٍ كبير وسيكون هناك اختلاف جذري في معايير الضبط بين السيارتَين. في نهاية المطاف، سيكون من الممكن أن يفصل فريق ماكلارين بين معايير ضبط السيارتَين، ولكن في حال تمكّن الفريق من إنتاج سيارة تلائم أسلوب قيادة باتون بشكلٍ مثالي، سيتمكن ألونسو من التأقلم معها والنجاح، فعندما أقول أن ألونسو يستطيع قيادة سيارة تحتاج لزاوية انعطاف أكبر لمقود السيارة ضمن المنعطفات في حين لا يتمكن سائقون آخرون من ذلك، فإن السبب الأساسي لذلك هو اضطرار ألونسو لقيادة مثل هذه السيارات. أنا أشك إن كان ألونسو قاد سيارةً لها توازن مثالي في السابق.
ومن الناحية الشخصية والهندسية، أنا واثق من أن ألونسو وباتون سيعملون بشكلٍ جيد مع بعضهم البعض. لطالما أظهر جنسون باتون قدرته في التركيز على عمله وتقديم أفضل النتائج الممكنة بغض النظر عن زميله في الفريق، في حين سيبقى ألونسو سعيداً طالما هو الذي يتمتع بسرعةٍ أفضل. هذه تشكيلة قوية من السائقين من دون شك، وهي تشكيلة ستضمن إحراز فريق ماكلارين لعددٍ كبيرٍ من النقاط مقارنةً مع العام الحالي، وإن لم تكن السيارة أفضل بكثير.
كما أن هذه التشكيلة ستكون جيدة للفورمولا واحد بشكلٍ عام. في ظل استغلال السائقين الذين يقومون بشراء مقاعدهم عن طريق الدعم المادي الذي يجلبونه لعدّة أماكن في مختلف الفرق، سيكون من الهام أن يرى المشجعون أن اسماً كبيراً مثل اسم باتون ما زال على خط الانطلاق. في حال لم يكن باتون يقدم نتائج جيدة، كان الأمر ليكون مختلفاً من دون شك، لكنه يستحق البقاء في الفورمولا واحد في الوقت الحالي.
بغض النظر عما سيحصل، سيكون من الرائع متابعة كل من ماكلارين وهوندا وألونسو وباتون السنة القادمة. التوقعات مرتفعة للغاية، والجميع يتحدث عن إمكانية تحقيق الانتصارات. لكنني أعتقد أن المهمة لن تكون سهلةً للغاية.