عندما قرر السائق القطري ناصر صالح العطية المشاركة في كأس العالم للراليات الصحراوية الـ “كروس كانتري” للعام الجاري، كان يأمل أن يفوز باللقب للعام الثاني في مسيرته بعد عام 2008، لكنه كان يدرك جيداً أن مهمته لن تكون سهلة بسبب غيابه عن بعض الجولات لارتباطه بأحداث رياضية أخرى، وبسبب قوة المنافسة في هذه البطولة مع وجود سائقين من العيار الثقيل على غرار السعودي يزيد الراجحي والروسي فلاديمير فاسيلييف والبولندي ماريك دابروفسكي والتشيكي ميروسلاف زابليتال والإسباني خوان «ناني» روما….
ولكنه رغم ذلك قرر رفع التحدي حيث شارك في 7 جولات من أصل 10 وتمكن من الفور بثلاث منها على غرار الراجحي، بعدما غاب عن الجولات الثلاث الأولى في روسيا وإيطاليا وأبوظبي، ليعود لقب الجولتين الأولى والثانية للسائق السعودي الراجحي، علماً أنه شارك في هاتين الجولتين مع ملاحه تيمو غوتشالك على متن تويوتا هايلوكس أوفردرايف. في وقت فاز فاسيلييف بلقب الجولة الثالثة في رالي أبوظبي الصحراوي.
وكان “الدب” الروسي تألق بعد فوزه الأخير بلقب رالي أبوظبي الصحراوي على متن سيارة “ميني 4 أول رايسينغ”، وهو أعظم إنتصار حققه فاسيلييف خلال مسيرته الرياضية في عالم الراليات ليحصد 60 نقطة مقرونة بـ 33 نقطة نالها في باخا روسيا وإيطاليا العام الجاري، مما يجعله المشرح الأبرز في مطلع هذا الموسم للفوز بلقب بطولة كأس العالم للراليات الصحراوية الطويلة (فيا) 2014.
السعودي الراجحي إفتتح الإنتصارات وبوريم إختتمها
وهكذا بدأ العطية مغامرته في الصحراء وعلى الكثبان الرملية من رالي بلاد، وتحديداً من رالي سيلاين القطري، حيث نجح في إحراز الفوز خلف مقود سيارة «ميني أول4 رايسينغ» من تحضير فريق “إكس رايد”، حاصداً 60 نقطة في أول ظهور له.
حينها، وبعد حلوله ثالثاً في رالي داكار وفوزه في راليي قطر والكويت الدوليين ضمن بطولة الشرق الاوسط للراليات 2014، وبعد إحرازه المركز الأول في رالي البرتغال الدولي ضمن فئة الـ “دبليو آر سي2” نجح العطية في فرض نفسه للمرة الرابعة هذا الموسم وإستعاد صولجان رالي سيلاين الذي فقده الموسم الماضي بسبب المشاكل التي واجهت سيارته الـ “باغي”.
في المقابل تمكن السائق الروسي فلاديمير فاسيلييف على متن سيارة “ميني أول 4 رايسينغ” من تجاوز البولندي آدم ماليز (تويوتا) ليحقق المركز الثاني في الترتيب العام النهائي، تلاه ثالثاً البولندي ماريك دابروفسكي (تويوتا هايلوكس)، وحل مواطنه آدم ماليز رابعاً بسيارة تويوتا مماثلة. في وقت حلّ البرازيلي رينالدو فاريلا، الذي سجل أسرع توقيت في القسم الأخير، في المركز الخامس على متن سيارة تويوتا، بينما حلّ التشيكي ميروسلاف زابليتال (هامر) سادساً والسائق الكازخستاني أندري شيريدنيكوف (تويوتا) سابعاً.
في مصر، وتحديداً في رالي الفراعنة، الذي شكّل الجولة الخامسة من المنافسات، إختلطت الأوراق وإشتد الصراع بين السعودي الراجحي والقطري العطية لتميل الكفة للسائق السعودي الذي رفع السائق مع ملاحه تيمو غوتشالك عدد إنتصاراته في كأس العالم للراليات الصحراوية الطويلة الى ثلاثة هذا الموسم بعدما حلّ أول في رالي الفراعنة في نسخته الـ 32، بعد صراع حبس الأنفاس بينه وبين القطري ناصر صالح العطية مع ملاحه الفرنسي ماثيو بوميل (ميني أول4 رايسينغ) حتى المرحلة الخامسة الأخيرة من هذا الحدث.
ونذكر أن الراجحي جلس خلف مقود سيارة “هامر” في رالي أبو ظبي حيث خرج خالي الوفاض بعد سلسلة من الإنثقابات، ومن ثم عاد الى “تويوتا” في رالي سيلاين القطري ولكن مرة جديدة لم تكتب لمغامرته إذ إنسحب بسبب مشكلة في المحور الخلفي، ليعود مجدداً في رالي الفراعنة خلف مقود الـ “تويوتا هايلوكس” المحضرة بعناية من قبل الفريق البلجيكي “أوفردرايف” وبإشراف جان ـ مارك فورتين.
العطية، صاحب الخبرة الكبيرة في عالم الراليات تخلف في النهاية بفارق 5,26 دقائق عن الراجحي الفائز مع إجتياز السيارات خط النهاية في القاهرة بعد 1800 كيلومتر من المنافسات داخل المراحل الخاصة وأكثر من 3000 كيلومتر كمسافة إجمالية، وبعد أسبوع مضني وسط الصحراء المصرية والكثبان الرملية وفي ظل حرارة مرتفعة، حيث إعتبرت نقطة الوصول أمام أهرام الجيزة لحظة راحة للمشاركين في هذه الجولة.
السائق القطري نجح في إحراز أسرع توقيت خلال 3 مراحل خاصة، إضافة الى المرحلة الإستعراضية ليبرهن أنه من أحد أسرع السائقين في رالي الفراعنة، ولكن خطأ ملاحي في المرحلة الأولى كلفه خسارة 13 دقيقة ليتراجع للمركز الرابع. ولكن مرحلة بعد أخرى تمكن من تقليص الفارق ليبقى متخلفاً بفارق 5 دقائق عن الراجحي.وحلّ الهولندي إريك فان لون في المركز الثالث في الترتيب العام، بعدما تمكن من تجاوز زميله في فريق “أكس ـ رايد” الروسي فلاديمير فاسيلييف في اليوم الأخير.
هذا الروسي، وبفضل إحتلاله للمركز الرابع حافظ على صدارة الترتيب العام المؤقت للسائقين في البطولة، ليتصدر بـ 159 نقطة أمام الراجحي (120) والعطية (102).
بعد مصر توجهت الفرق إلى إسبانيا، وتحديداً إلى باخا أراغون، حيث رحبت مدينة توريول بين 18 و20 تموز/ يوليو الحالي بأكثر من 200 مشارك في النسخة الـ 31 من هذا الحدث، والذي شكّل الجولة السادسة من كأس العالم للراليات الصحراوية الطويلة كروس كانتري.
خوان «ناني» روما على متن سيارته الـ “ميني أول4 رايسينغ” تمكن من إحراز اللقب بفارق 25 ثانية فقط عن زميله تيرانوفا (9,21,24 س. مقابل 9,21,49 س.). في وقت حلّ مارتن كازمارسكي مع ملاحه تابيو سيومينن ثالثاً، متقدماً على متصدر الترتيب العام الحالي للسائقين فلاديمير فاسيلييف مع ملاحه كونسطنطين زيلتسوف، لتحتل سيارات “ميني” المراكز الأربعة الأولى.القطري العطية، مع ملاحه ماثيو بوميل، تعرض لحالة إنثقاب في المرحلة الأولى لليوم الثاني، وعلى الرغم من أنه إعتمد مبدأ القيادة الضاغطة خلال المرحلة الثانية، إلاّ أنه عانى من بعض المشاكل الميكانيكية التي أخرته 32,49 دقيقة عن صاحب الصدارة، ليحتل المركز الـ 16 في الترتيب العام برصيد 5,20,01 ساعات. غير أن السائق “العنابي” نجح في إعتماد مبدأ القيادة الضاغطة في اليوم الثاني وتقدم مع نهاية المرحلتين الثالثة والرابعة ليصعد للمركز الثامن بوقت نهائي قدره 9,59,05 ساعات، حاصداً المزيد من النقاط في ترتيب السائقين.
ونذكر أن العطية إنتقل للدفاع عن ألوان فريق “وويفرز سبور” حيث جلس خلف مقود طراز “إتش آر إكس فورد”، علماً أنه سبق للسائق “العنابي”، الفائز برالي داكار عام 2011 وصاحب المركز الثالث في هذا الحدث مطلع هذا العام، أن فاز بباخا إسبانيا عام 2008.
السعودي الراجحي مع ملاحه تيمو غوتشالك (تويوتا هايلوكس)، سعى من خلال مشاركته لتقليص الفارق بينه وبين متصدر الترتيب العام المؤقت للسائقين الروسي فلاديمير فاسيلييف (159 نقطة مقابل 120)، غير أنه إضطر للإنسحاب في المرحلة الثانية لليوم الأول بعدما كان سجل أسرع توقيت خلال المرحلة الإستعراضية (6,5 كلم).
فاسيلييف وروما وهولوزيتش وبوريم فازوا بجولة واحدة لكل منهم
في المجر، الجولة السابعة من المنافسات، إنطلقت المفرقعات النارية، ليس فقط بسبب حفل تتويج الفائزين، بل لأن نتائج هذا الحدث، وتحديداً هوية الفائز باللقب تحددت في الكيلومترات الأخيرة من المنافسات. فالعطية الذي عانى من مشاكل ميكانيكية على متن سيارته “تويوتا هايلوكس” خلال المرحلتين الأولى والثانية (تعطل الترس التفاضلي)، فرض نفسه في المرحلتين الثالثة والرابعة من القسم الثاني والأخير لباخا المجر، ووعد السائق “العنابي” بإبقاء قدمه على دواسة الوقود ووفى بوعده لجماهير رياضة السيارات ليتمكن في المرحلة الأخيرة مع ملاحه بوميل من إنتزاع الفوز الغالي بوقت قدره 4,04,34 ساعات. الروسي فلاديمير فاسيلييف (ميني أول4 رايسينغ)، متصدر الترتيب العام المؤقت للسائقين، صعد إلى منصة التتويج في المركز الثاني بفارق 12,09 دقيقة عن العطية.
في بولندا، الجولة الثامنة من كأس العالم للراليات الصحراوية الـ “كروس كانتري”، فاز السائق البولندي كريزتوف هولوزيتش مع ملاحه كزافييه بانسري (ميني أول4 رايسينغ)، متقدماً على ثنائي فريق “أوفردرايف رايسينغ” آدم ماليسيز ورافال مارتون (تويوتا هايلوكس).
ورافقت خيبة الأمل السائق القطري ناصر صالح العطية وملاحه الفرنسي ماثيو بوميل (تويوتا هايلوكس)، الذي كان تصدر هذا الحدث مع نهاية المرحلة التمهيدية قبل أن ينثقب إطار سيارته التويوتا، التي أُصيبت لاحقاً بعطل في جهاز التعليق خلال المرور الثاني خلال مرحلة “بوليغون درافسكي”. ما أجبر العطية على الإنسحاب ولكنه بقي في المركز الثاني في الترتيب العام للسائقين.
في رالي المغرب، الذي شكّل الجولة التاسعة ما قبل الأخيرة من كأس العالم للراليات الصحراوية، توج السائق القطري ناصر صالح العطية مع ملاحه الفرنسي ماثيو بوميل بطلاً بوقت إجمالي وقدره 16,12,15 ساعة، على الرغم من المحاولات المتكررة للسائق الأرجنتيني أورلاندو “أورلي” تيرانوفا وملاحه روني غرو على متن “ميني أول4 رايسينغ” أيضاً.
“أورلي” تخلف بفارق 1,42 دقيقة عن القطري الذي بدا واضحاً أن لا شيء بإمكانه أن يوقف زحفه نحو اللقب، ليرفع كأس المركز الأول في مراكش بعد 6 أيام من المنافسات في الصحراء وعلى الكثبان الرملية. في وقت حلّ الهولندي إريك فان لون على متن “ميني” أيضاً في المركز الثالث بـ 16,54,02 ساعات. وأكمل الروسي فلاديمير فاسيلييف هيمنة “ميني” على المراكز الأربع الأولى، بينما كان الهولندي برنهارد تن برينكي أول الواصلين بين سائقي “تويوتا أوفردرايف” ليحتل المركز الخامس في الترتيب النهائي.
8 نقاط تُبعد ناصر عن اللقب
العطية شارك في الجولة العاشرة الأخيرة من البطولة، وتحديداً في باجا بورتاليغري متخلفاً بفارق 20 نقطة عن فاسيلييف، حيث كان بحاجة إلى إحراز الفوز على أن لا ينهي فاسيلييف الجولة في مركز أفضل من الخامس. ومع نهايتها تمكن العطية من تقليص الفارق إلى 8 نقاط فقط، وهو الفارق الذي أبعده عن الفوز بلقب البطولة للموسم الثاني على التوالي لصالح فاسلييف.
وشارك العطية على متن سيارة فورد “إتش آر أكس”، وهي كناية عن الهيكل الرسمي لسيارة ميتسوبيشي التي شارك بها سابقاً، لكن بمحرّك فورد. وهذه المشاركة الثانية للعطية في الحدث البرتغالي بعد مشاركته الأولى عام 2007. علماً أن فاسيلييف كان قد أقدم على إستئجار 3 سيارات “ميني” من فريق “إكس رايد” الذي يديره الألماني سفن كوانت بهدف منع العطية من المشاركة خلف مقود إحدى هذه السيارات، ما يسفر توجه لقيادة سيارة الـ “فورد إتش أى إكس”.
وبعدما تصدر المرحلة التمهيدية، بدأ العطية اليوم الثاني من الجولة آملاً المحافظة على صدارته، لكن سوء الحظ بدأ بمعاكسة العطية وملاحه ماتيو بوميل (فور إتش آر أكس) منذ بداية اليوم في المرحلة الخاصة الثانية (200.52 كلم)، إذ اضطر الثنائي للتوقف خمس مرات لتنظيف الزجاج الأمامي بسبب تعطل المساحات. الأمر الذي كلّف العطية خسارة وقت ثمين، لينهي المرحلة الثانية، التي فاز بها السائق جواو راموس وملاحه فيتور جيسوس (تويوتا هايلوكس)، في المركز السابع متخلفاً عن الصدارة بفارق بلغ 2:08.00 دقيقتين.
لكن العطية لم يستسلم وشنّ هجومه في المرحلة الثالثة والأخيرة (248.11 كلم) وأنهاها في المركز الثاني خلف السائق ريكياردو بوريم وملاحه مانويل بوريم (ميني أول 4 رايسينغ) بفارق دقيقتين فقط. ما سمح للسائق العنابي بالتقدم إلى المركز الثاني في الترتيب العام، لينهي الجولة خلف بوريم، فيما أكمل السائق رينالدو فاليرا مع ملاحه غوستافو غوغلمين (تويوتا هايلوكس أوفردرايف) مراكز منصة التتويج.
من ناحيته عبر فاسلييف خط النهاية في المركز السادس في الترتيب العام متخلفاً بفارق 6:25.00 دقائق عن الصدارة، ما كان كافياً كي يحرز لقب البطولة في وقت إصطدمت أحلام ناصر صالح العطية بهذا “الدب الروسي”، الذي منعه من الفوز للمرة الثانية بعد عام 2008 عندما فاز باللقب على متن “بي أم دبليو”.