لا يمانع مهندسو نجاح مرسيدس الاختفاء وراء الكواليس، حيث يقومون ببذل مجهود كبير في تصميم سيارة 2015. باستثناء شخصٍ وحيد، كما سيشرح لنا جوناثان نوبل.
بعد تتويجه بقلب بطولة العالم للسائقين، تصدّر لويس هاميلتون العناوين في قنوات التلفزيون ومحطات الراديو في الفترة الماضية. في هذه الأثناء، وفي مقهى هادئ بالقرب من براكلي، أقام أحد أهم عوامل نجاح مرسيدس بحفل وداعه للفريق دون أي ضجة إعلامية تُذكر.
مغادرة المدير التقني بوب بيل لصفوف الفريق كانت هادئةً بشكلٍ كبير، ولكن معظم أعضاء الفريق يقرّون بالمساهمة الكبيرة التي قدمها في سبيل جعل سيارة ‘دبليو 05’ الهجينة سيارةً مسيطرةً سمحت لهاميلتون نيل لقب بطولة العالم.
لا يعتبر بيل غريباً عن النجاح مع سيارات مزودة بشاحن توربيني. إذ كان أحد أعضاء القسم الانسيابي مع ماكلارين خلال عام 1988 المبهر للفريق، ما يعني أن سيارات بيل في الموسمَين الأخيرين لشواحن التوربو تمكن من الفوز بـ31 سباقاً من أصل 35. وهذا معدّلٌ جيد من دون شك…
ضمن صفوف مرسيدس كان دوره مختلفاً بعض الشيء. كان دوره تنظيمياً أكثر، ويتعلق بعملية وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، إلى جانب وجود العمليات الصحيحة والبنية التي كان فريق مرسيدس بحاجتها ليستغل الفرصة المتاحة من القوانين التقنية الجديدة بأفضل طريقة ممكنة. ومن المؤكد أن ما قام به كان ملموساً وملحوظاً، وإن لم يُحتفَل به كما هو الحال مع النجوم الذين يجلسون خلف مقود السيارة.
يعتبر بيل واحداً من العديد من روّاد النجاح الغائبين عن وسائل الإعلام في مرسيدس. بالنظر عن كثب في العوامل الأساسية خلف كواليس النجاح وسيمكننا ملاحظة المواهب الهندسية البريطانية التي تعمل، بشكلٍ فعّال ولكن هادئ، على بذل مجهود جبّار لتقديم النتائج اللازمة دون التصريح عن ذلك.
الأمر مشبه تماماً في ما يتعلق بوحدة توليد المحركات أيضاًز مساء يوم الأحد بعد نهاية سباق أبوظبي، ومع مطاردة الكاميرات التلفزيونية للويس هاميلتون على الدوام، إلى جانب إجراء مدراء الفريق توتو وولف ونيكي لاودا للمقابلات الصحفية، كان بإمكان العباقرة في مرسيدس الاحتفال دون هذه الضجة الإعلامية أمامهم.
وفي زاوية قاعة استضافة الفريق، كان مدير قسم المحركات في مرسيدس بينز أندي كاول يستمتع بالاحتفال، إذ أصبح بإمكانه وأخيراً الاسترخاء بعد عامٍ من الهيمنة على البطولة.
كاول شخصٌ يحبّ التحديات الهندسية في عمله وهو شخصٌ متواضع، خصوصاً عند النظر في الإنجازات التي قام بها هو وأعضاء فريقه في مقر تصنيع محركات مرسيدس في مدينة بريكسورث.
في الواقع، شغفه في العمل الذي قام به في مرسيدس هو ما دفعه لرفض عروض خيالية مقدّمة له من قِبل فيراري لإدارة قسم المحركات للفريق الإيطالي.
ويقول كاول في حديثه عن عدم اهتمام بالانتقال إلى فريق فيراري: ‘‘أنا أعمل لصالح فريق مرسيدس وأستمتع بالعمل لصالح مرسيدس بشكلٍ كبير’’.
وفي حين سيكون بإمكان كل من هاميلتون وروزبرغ تذكّر اللحظات الحاسمة من الموسم السابق، سواءً كانت في موناكو، هنغارورينغ، سبا، فبالنسبة للمهندسين العباقرة مثل بيل وكاول، لا يتم تحديد النجاح عن طريق ما حصل في سباقٍ واحدٍ بل عن طريق الجهد الكبير المبذول في مصنع الفريق طوال أشهر الفترة الشتوية.
كما يقول كاول: ‘‘أعتقد أن أبرز اللحظات الحاسمة بالنسبة لنا، في المصنع، جاءت في مثل هذا الوقت من العام الماضي’’.
‘‘كانت لدينا العديد من المحركات الاختبارية التي كنا نقوم بقياس الأداء لها، وكنا نصل لـ1000 كلم، 2000 كلم، وثم 3000 كلم، وكانت هذه لحظات تطويرية حاسمة. هذه اللحظات هي التي ساهمت بتحقيق النجاح الذي كنا نأمل بأن يُترجم فعلياً على الحلبة، وهذا ما حصل في 90% من الأوقات’’.
هذا العمل لا ينتهِ وأصبح التركيز منذ الآن على المعركة المقبلة.
بالنسبة لبيل، سيبدأ فصلٌ جديد من مسيرته الاحترافية بعيداً عن صفوف مرسيدس الآن، وإن نجاحه هناك، إلى جانب سيرة عمل ذاتية مليئة بالانتصارات تتضمن لقبَين مع رينو، ستترك الباب مفتوحاً أمام فرص أخرى. بالنسبة لكاول، أصبح يركّز على ما يجب القيام به في سنة 2015 من أجل ضمان استمرار سيطرة مرسيدس المطلقة على البطولة.
قال كاول وهو يبتسم: ‘‘احتفالات اليوم هي استعدادات الغد لأولى سباقات السنة المقبلة’’.
يجب علينا أن ننسى فكرة أن الوقت الحالي هو وقت الاسترخاء والراحة في الفورمولا واحد. موسم 2015 يشهد معركةً في المكاتب، المصانع، ومختبرات التجارب المصنعية منذ الآن.