في الوقت الّذي تستعد فيه الفرق المشاركة في بطولة العالم للفورمولا واحد لإدخال تعديلات جذريّة فيما يخص قوانين تصميم السّيارات للعام المقبل، يقدّم لكم إد سترو الجزء الأوّل من سلسلة تتعلّق بالسّيارات الّتي ظهرت على ساحات البطولة منذ موسم 2009 وحتّى 2013، بدايةً من الحلول المقترحة والّتي كانت ستشمل ظهور السّيارات الّتي تحتوي على مراوح، بالإضافة لاقتراح اعتماد تصميم الجناح الخلفي المزدوج، والمنفصل في المنتصف، أو ما يعرف بال‘‘سي دي جي’’.
هذا هو الجزء الأوّل من سلسلة تتعلّق بقوانين الفورمولا واحد منذ موسم 2009 وحتّى موسم 2013، تعتمد بشكلٍ رئيسي على مقال مؤلّف من ستّ صفحات كان قد ظهر في عدد مجلّة أوتوسبورت الخاص ب5 كانون الأوّل ديسمبر.
بداية الأمر جاءت بمطالب المشجّعين بزيادة نسبة التّشويق في الرّياضة. ففي بداية عام 2007، قام مسؤول الاتّحاد الدّولي للسيّارات ‘‘فيا’’ تشارلي وايتينغ بإنشاء ما يُدعى بمجموعة العمل لزيادة التّجاوزات. حدّد أهداف تلك المجموعة بوضع مجموعة من القوانين الّتي ستقوم بتحقيق نقلة نوعيّة في سباق الجوائز الكبرى لجعله عبارة عن مهرجان من التّجاوزات كان يتوق إليه جميع المتابعين.
ضمّت المجموعة عند تأسيسها كلّ من بات سايموندز من فريق رينو، بادي لو من فريق ماكلارين، روري بيرني من فريق فيراري، بالإضافة لوايتينغ. بدأت المجموعة عملها بتحديد الأسباب الّتي جعلت التّجاوز أمراً صعباً في البطولة، وبالتّالي كيفية إيجاد القوانين الكفيلة بجعل عمليّات التّجاوز أسهل.
وفي الوقت الّذي لم تكن فيه هذه هي المرّة الأولى الّتي تجري فيها محاولات لإيجاد حلول لزيادة نسبة التّجاوزات، إلّا أنّ هذه المجموعة قامت بطرح أكثر الحلول الجذريّة. لم تلاقِ فكرة الأجنحة الخلفية المزدوجة والمنفصلة في المنتصف، ‘‘سي دي جي’’، والّتي تمّ طرحها من قِبل فيا في أكتوبر 2005 بناءً على عمل نيك ويرث على أجهزة المحاكاة، إعجاباً من جميع الفرق.
عارضت الفرق تقديم هذه الأجنحة في عام 2007، مشيرةً إلى حاجتها لإنجاز المزيد من الأبحاث كسببٍ رئيسيّ لتأجيل الفكرة، وبالتّالي تم التّخطيط لإدخال هذه التّصاميم في عام 2008، الأمر الّذي تم إلغاؤه بعد ذلك.
بشكلٍ عمليّ، كانت مجموعة العمل لزيادة التّجاوزات هي وسيلة التّعاون الأمثل بين الفرق وفيا من أجل تحسين القوانين، الأمر الّذي اتّخذ الهيكل المنظّم للبطولة قراراً بفعله.
يقول لو: ‘‘كانت هناك العديد من المحاولات قبل تأسيس المجموعة. أما المجموعة فجاءت لتقوم بتطوير بعض الأبحاث الّتي أجرتها فيا، مثل الأجنحة الخلفيّة المزدوجة. والّتي كان من المفترض أن تقوم بتقليل التّيارات الهوائيّة المضّطربة خلف السّيارة، ولكن مجتمع الفورمولا واحد لم يثق بهذه الحلول.
‘‘هدف هذه الفكرة الأساسيّ كان يقضي بتنصيف نسبة الارتكازيّة للسّيارات، الأمر الّذي كان سيزيد زمن اللّفات بما يقارب الخمس ثواني. الغاية الرّئيسيّة كانت تهدف لتحسين قدرة السّيارة اللاحقة على التّجاوز بشكلٍ جذري وهذا هو السّبب الّذي أدى لظهور أجنحة أماميّة عريضة، وأجنحة خلفيّة مرتفعة وضيّقة. قامت الفرق المشاركة في البطولة بتقديم 50 الف جنيه استرليني عن كل فريق، لتقوم بتمويل المجموعة.
‘‘عندما قمنا بوضع القوانين الجديدة، كنّا نعلم أن جميع الفرق ستجد طرقاً مختلفة للتحسين عنها بشكلٍ دراماتيكي. ففي نفق هواء فوندتيك، نجحنا بتنصيف نسب الارتكازيّة، إلّا أنّنا كنا واثقون أنّه ببذل مجهود كبير لمحاولة تعويضها، سننجح في ذلك ضمن فرقنا.’’
هناك العديد من الحلول الّتي تمّ التفكير فيها مليّاً قبل اعتمادها، خصوصاً مع مشاركة جميع الفرق بتقديم اقتراحات عن طريق مجموعة العمل التّقنيّة.
يقول سام مايكل، الّذي كان يشغل منصب المدير التّقني في فريق ويليامز آنذاك، حيث يعمل كمدير رياضي في ماكلارين الآن: ‘‘اتّفقنا جميعاً إلى أن السّيارة اللّاحقة لسيّارة منافسة ستخسر جزءً من أدائها بسبب تعرضّها للتأثيرات الآيروديناميكيّة للسّيارة الأمامية.
‘‘السّيارة اللّاحقة كانت تخسر ما يقارب من 20% إلى 30% من ارتكازيّتها في المنعطفات السّريعة. وبالتّالي، فأي حلول ستُقدّم من أجل تمكين السّيارة من التجاوز سيكون صنعيّاً.
‘‘وجهة نظرنا في الاجتماع، والّتي تمّت الموافقة عليها، أنّ التّسابق كان صنعيّاً في هذه الحالة لأن السّيارة في المقدّمة تمتاز بنسبة ارتكازيّة أكبر من السّيارة في الخلف. الحل المثاليّ كان سيقضي بتزويد السّيارات بجهاز تعويض نسب الارتكازيّة للسيّارة اللّاحقة عن طريق وجود حسّاس يقوم بتفعيل الجّهاز تحت شروط محدّدة مسبقاً.
‘‘درسنا إدخال مراوح أو أرضيّات شفط. بالتّأكيد كان يمكن تحقيق ذلك، إلّا أن الصعوبة تكمن في وضع حسّاس لتفعيل هذه الأجهزة تحت الشروط المحدّدة.
‘‘من الحلول الأخرى المقترحة، كنّا نفكّر في إجبار جميع الفرق على ضبط سيّاراتها بنسبة الارتكازيّة الخاصّة بحلبة مونزا، والّتي تعرف بنسب الارتكازيّة المنخفضة، ومن ثمّ اكتساب السّيارة اللّاحقة لنسب ارتكازيّة شبيهة بحلبة موناكو عند تعرّضها لتأثيرات السّيارة الأماميّة الآيروديناميكيّة . إلّا أنّ هذا الأمر كان سيسبّب العديد من المشاكل فيما يتعلّق بتوازن السّيارات. وبالتّالي خوض المنعطفات سيصبح أمراً صعباً مع هذا الحل، مع العلم أن هذا الحل كان الأفضل في عالمٍ مثاليّ.’’
عاودت هذه الفكرة الظّهور في المواسم التّالية كفكرة ال‘‘دي آر إس’’، الجناح الخلفي المتحرّك، علماً أنّ هذا الحل كان أكثر بساطةً حيث يقلّل من نسبة الجر للسيّارة اللّاحقة عن طريق تعديل وضعيّة الجناح الخلفي على الخطوط المستقيمة.
إلّا أنّ الحلول المعتمدة في عام 2009 تجلّت بتبسيط التّصميم الآيروديناميكي للسّيارات، كان الهدف منه تقليل التّيارات الهوائيّة المضّطربة الّتي تعيق من تقدّم السّيارات اللاحقة، بالإضافة لتخفيض نسب الارتكازيّة.
كما تمّت الموافقة لإجراء تعديلات في ضبط السّيارة أثناء القيادة، حيث أصبح بالإمكان تعديل جزء من الجناح الأماميّ بمجال ستّ درجات لمرّتين في كلّ لفة، إلّا أنّه لم يكن مفيداً لزيادة التّجاوزات، بل أصبح مستخدماً كحل من أجل إيجاد توازن أفضل على مدى لفّة كاملة قبل أن يتم التّخلي عن هذه الفكرة بعد إدخال الدي آر إس في عام 2011.
هذا وتجدر الملاحظة أنّ القطع الآيروديناميكيّة المتحرّكة كانت شاغِل كلّ حديث في هذه الفترة من القوانين الّتي نتحدّث عنها، نظراً لاستغلال بعض الفرق لتمدّد بعض الأجزاء من السّيارة عند تطبيق أحمال عليها أثناء القيادة، قبل أن يتم تقليل أثر هذا الحل مع تشديد فيا لاختبارات فحص السّيارات.
بشكلٍ عام، كان المظهر الخارجي للسّيارات في حقبتها الجديدة مزعجاً، حيث تم تخفيض ارتفاع الجناح الخلفي عن سطح الأرض من 150 مم إلى 75 مم، كما أصبح أعرض ب400 مم. بالإضافة لتضييق عرض الجناح الخلفي ب250 مم، وجعله أطول ب150 مم.
بدأت العديد من الفرق باختبار الأجنحة الجديدة على سيّارات موسم 2008 قبل نهاية الموسم، ولكن في تجارب خيريز خلال شهر ديسمبر من ذلك العام، قام فريق بي إم دبليو باختبار سيّارة ‘‘إف 1 08’’ مهجّنة آيروديناميكيّاً. حيث قام فريق ويليامز قبل ذلك باختبار الأجنحة فقط في شهر نوفمبر.
وبقرارٍ منفصل عن مجموعة العمل لزيادة التّجاوزات، تم تقديم الكيرز، ‘‘جهاز استعادة الطّاقة الحركيّة’’. هذا الأمر كان محط اهتمام كبير في ذلك الوقت، إلّا أن الوقت كان مبكّراً بعض الشّيء لتقديم هذه التّقنيّة إلى عالم الفورمولا واحد.
واجهت مقترحات لتأجيل تقديم الكيرز اعتراضاً كبيراً من فريق بي إم دبليو، الّذي ولسخرية القدر كان قد تعرّض للعديد من المشاكل مع وحدته لاستعادة الطّاقة بعد بداية موسم 2009. وبعد اتّفاق مدراء الفرق على عدم استخدام الكيرز في عام 2010، إلّا أنّ الفرق قامت بإدخاله في تصميم سيّاراتها في العام اللاحق.
كانت الإشاعات المحيطة بمظهر السّيارات الخارجي لموسم 2009 مشابهةً تماماً للحالة الّتي تمر بها بطولة الفورمولا واحد والوسائل الإعلامية المحيطة بها فيما يتعلّق بسيّارات عام 2014 المقبل.
كما تمّ الترحيب في عام 2009 بعودة الإطارات الملساء بعد غيابها عن ساحات البطولة لمدّة 11 عام.
حاولت مجموعة العمل لزيادة التّجاوزات حساب الأفضلية الّتي يجب أن تتمتّع بها السّيارة اللاحقة لضمان تجاوزها للسّيارة في المقدّمة. كانت الأرقام الصّادرة عن نفق الهواء، بالإضافة لعمليّات المحاكاة والسّاعات الطويلة من العمل تشير إلى حوالي الثّانيتين تحت القوانين السّابقة، وكان الهدف تخفيض هذه النّسبة إلى النّصف.
هذه المساعي أدّت إلى تقديم الحلول الغريبة المتمثّلة بتعديل تصميم الأجنحة الخلفيّة والأمامية كما أسلفنا بالذّكر، حيث أن التصميم الجديد للجناح الخلفي كان سيطرد التّيارات الهوائية المضّطربة إلى الأعلى بدلاً من اصطدامها بالسّيارة اللاحقة. كما أنّ تصغير حجم ناشر الهواء الخلفي سيقلّل من هذه التّأثيرات بشكلٍ إضافي.
كما أنّ التصميم الأعرض للجناح الأمامي كان يهدف لتهدئة هذه الاضطرابات في التّيارات الهوائية قبل دخولها إلى أسفل السّيارة. بالإضافة لتبسيط التصميم الآيروديناميكي للسيارات وذلك بإزالة كافّة القطع والتجهيزات الّتي تهدف لزيادة الارتكازيّة من على جسم السّيارة والّتي بلغت أوجها مع نهاية موسم 2008.
قبل بداية موسم 2009، صرّح تشارلي وايتينغ بأنّ ‘‘العامل الأساسي قبل كلّ شيء يتجلّى في النصف متر الواقع في المنتصف من الجناح الأمامي، والّذي سيكون ذو تصميم محدّد. طريقة تصميم هذا الجزء وتوضّعه مقارنةً مع بقيّة أجزاء السّيارة المرجعيّة محدّد بشكل دقيق.
‘‘هذا جزء حسّاس للغاية. الجناح الأمامي أعرض، ولا يوجد هناك محدّدات للانعطاف أو قطع آيروديناميكيّة على جسم السّيارة: أصبح مكان وضع هذه التّجهيزات ضيّقاً ومحدوداً للغاية، وبالتّالي سيصبح حجم هذه التجهيزات صغيراً مقارنةً بالسّابق. كما أن ناشر الهواء الخلفي أصبح أصغر، بالإضافة لزيادة ارتفاع وتضييق الجناح الخلفي. توصّلنا إلى هذه الحلول بعد إمضاء خمسة حصص من التّجارب في نفق الهواء.’’
وعند بداية التّجارب الشتوية لموسم 2009 وظهور السّيارات الجديدة المختلفة، كان من الواضح قدرة الفرق على التّطوير بشكلٍ ملحوظ لتعويض خسارة الارتكازيّة. على سبيل المثال فريق ماكلارين كان يملك إحدى أكثر السّيارات تعقيداً وتفصيلاً من حيث القطع الآيروديناميكيّة على جسم سيارة 2008 ‘‘إم بي 4-23’’، والّتي كانت قد اختفت بالكامل مع ظهور السّيارة التّالية، 24.
وبنفس الوقت، كان جليّاً أن الفرق تسعى لإيجاد طرق جديدة ومناطق جديدة من السّيارة لاستغلال الأفضليّة بعد الحد من قوانين التّصميم الآيروديناميكيّة.
فعلى سبيل المثال، قام العديد من الفرق بتعديل الفتحات الجانبية وإحداث تعديلات كبيرة في التّصاميم الّتي ستخضع لاختبارات التّصادم، وبالتّالي يصبح بالإمكان وضع محدّدات الانعطاف أسفل السّيارة.
من الطّبيعي أن ينعكس هذا بشكلٍ سيّئ على مجموعة العمل لزيادة التّجاوزات. ولكن تجدر الملاحظة بأنّها كانت عبارة عن مجموعة صغيرة تبلغ ميزانيّتها حوالي نصف مليون دولار، بالمقارنة مع عشرة فرق ميزانيّاتهم تبلغ مئات ملايين الدّولارات، وبالتّالي يعتبر مجهود المجموعة جيّد عند أخذ هذا الأمر بالحسبان. وكانت هذه المرحلة، من دون شك، أكثر المراحل الّتي تم التّفكير فيها بقوانين جديدة لإدخالها على ساحات البطولة.
ولكن كما يشرح روس براون، المدير التّقني لفريق هوندا في موسم 2008، قبل أن يقوم بشراء الفريق، أن مجهود المجموعة وأهدافها كانت تعتبر محافظةً بعض الشّيء.
يصرّح براون: ‘‘لا أعتقد أنّ التّصاميم كانت سيّئة من وجهة نظر آيروديناميكيّة. ولكنّني لم أشعر أن هذه القوانين الجديدة ستحقّق الأهداف المرجوّة منها بجعل عمليّة اللّحاق بالسّيارات أسهل.
‘‘حدث تحسين طفيف، ولكنّه لم يكن كبيراً لدرجة تمكّننا من ملاحظته أثناء السّباقات. بالتّأكيد، وجود الجناح الخلفي المتحرّك في السّنوات اللاحقة كان له تأثيرٌ كبيرٌ في ذلك.
‘‘تكمن المشكلة الأساسيّة بأن الجميع، بما فيهم أنا، نخشى من إجراء تعديلات كبيرة وجريئة في القوانين. ولكن في حقيقة الأمر، هذا النّوع من التّعديلات هو الواجب حصوله، لأن مهندسي جميع الفرق يعملون كخليّة متكاملة تتمتّع بذكاء كبير وقدرة على الإبداع، وبالتّالي إذا أعلنت المجموعة أنّ نسبة الارتكازيّة ستنخفض بحوالي 50%، فإن المهندسين لمختلف الفرق قادرون، وبعد بذل مجهود كبير واختبار حلول مختلفة، من جعل هذا الانخفاض يصل إلى حوالي 20% فقط بعد ستّة أشهر.
‘‘نحن نبتعد دوماً عن مواجهة المشاكل الأساسيّة. الأمر الّلازم حدوثه هو إدخال قوانين تقوم بتخفيض نسب الارتكازيّة بحوالي 75%، الأمر الّذي سيؤدّي إلى انخفاض فعلي بمقدار 50%. في حال حصول ذلك، فمن المؤكّد أن العديد من التّغيرات ستطرأ على طبيعة السّباقات. القواعد الجديدة تقوم بإبطاء السّيارات بشكلٍ قليل، أو على الأقل المحافظة على سرعتها نوعاً ما، ولكنّني شخصيّاً لا أعتقد بأنّها غيّرت من طبيعة التّسابق. وبالتّالي فشلت القوانين الجديدة في تحقيق أحد أهدافها الرئيسيّة.’’
من الصّعب، لا بل من شبه المستحيل، إجراء دراسات وتحليلات دقيقة لعمليّة إجراء التّجاوزات في الفورمولا واحد، وذلك نتيجة تغيّر العديد من العوامل الّتي تؤثّر في التّجاوز. ولكن معظم الأرقام تشير إلى نسب متقاربة من التّجاوزات في عامي 2008، و2009. كانت طبيعة خصائص التّسابق متشابهة للغاية، خصوصاً مع انحصار تبادل المراكز خلال السّباق اعتماداً على استراتيجيّات التوقّف والتّزود بالوقود. (تم منع التّزوّد بالوقود أثناء السّباق خلال السّنة الثانية من القوانين، في موسم 2010).
ولكن من دون شك، كان لتلك القوانين تأثير كبير على آلية عمل الفرق المختلفة. وفي الوقت الّذي يهلّل فيه الجميع لأكبر تغيّرات في قوانين الرّياضة الموسم المقبل، كانت نفس التّصريحات تُقال قبل بداية موسم 2009.
مدير فريق ريد بُل التّقني، آدريان نيوي، وصف التّغيرات في القوانين بأنّها الأكبر منذ تعديلات قوانين موسم 1983، وأكّد على كميّة العمل المبذول لمحاولة التّأقلم مع هذه القوانين.
فبالإضافة لقوانين المحرّكات والعوادم الجديدة، هناك عمليّة فهم جديدة كلّياً لآلية عمل السّيارة خصوصاً فيما يتعلّق بالجناح الأمامي. في عام 2009، الجناح الأمامي الجديد، الأعرض، كان يعني إمكانية توجيه الهواء الّذي تخترقه السّيارة ليعبر من الحفف الخارجيّة للإطارات الأماميّة، بدلاً من الحفف الدّاخليّة. ونظراً لتأثير الجناح الأمامي بشكلٍ كبير على أداء السّيارة وتجاوبها الآيروديناميكي، نَتج عن التّصميم الجديد تغيّرات كبيرة.
يقول سام مايكل: ‘‘لم يكن بإمكاننا استخدام أنظمة تدفّق الهواء، وأنظمة التّحكم بالتّدفق الّتي كنّا نستخدمها. خصوصاً بسبب تقديم قواعد الانحناء الجديدة، بالإضافة لتصغير حجم ناشر الهواء الخلفي وتعديل ارتفاعه، وزيادة عرض الجناح الأمامي.
‘‘كان لذلك تأثير كبير على التّيارات الهوائيّة الصادرة عن صفائح الجناح الأمامي، حيث أنّها كانت تّتجه نحو القسم الدّاخلي من جهاز التّعليق، وأصبحت بعد ذلك تتّجه نحو الجزء الخارجي منه. جميع هذه الأمور مجتمعةً كانت تعني بداية العمل على تصميم جديد للجناح الأمامي غير معتمد على التصاميم القديمة بأيّ شكلٍ من الأشكال.’’
هذه التّصريحات تبيّن أهميّة الأجنحة الأماميّة من موسم 2009 وحتّى موسم 2013، وكيف كانت أهم المناطق الّتي تعمل الفرق على تطويرها وتعديلها بشكلٍ مستمر. ومع عدم إمكانية تعديل القسم المتوسّط من الجناح، كان تركيز الفرق منصبّاً نحو تطوير الأجزاء الخارجيّة.
الأجنحة الأماميّة المكوّنة من عنصرَين، تطوّرت لتصبح مؤلّفة من ثلاث عناصر، إلى أربعة، خمسة، ستّة وسبعة عناصر، حيث ازداد مفهوم تدفّق الهواء تعقيداً وتطوّراً. ومع وجود العديد من العناصر، أصبح بإمكان الجناح الأمامي توليد جزء من الارتكازيّة، حيث أنّ احتواء التّصميم على العديد من الفتحات أدّى لتحقيق تدفّق هواء أكثر استقراراً، وفي حال وجود حاجز صغير يفصل تدفّق الهواء، تخسر السّيارة جزءً بسيطاً جدّاً من ارتكازيّتها مقارنةً بالسّابق، وهو الأمر الّذي أتقنه فريق ريد بًل لأبعد الحدود.
وفي الوقت الّذي تم فيه اعتبار العديد من الابتكارات الجديدة غير قانونية، وتمّ منعها بعد ذلك (مثل ناشر الهواء الخلفي المزدوج، الإف داكت، تدفّق الغازات نحو ناشر الهواء الخلفي تحت الكبح) إلّا أنّ معماريّة السّيارة الأساسيّة بقيت على ما هي عليه، الأمر الّذي يبرهن جودة العمل الأصلي لمجموعة زيادة التّجاوزات.
وحيث أنّ القوانين الجّديدة لعام 2009 لم تقوم برفع نسبة التّجاوزات بالدّرجة المطلوبة، إلّا أنّ الأجنحة الخلفيّة المتحرّكة بالإضافة لإطارات بيرلّلي سريعة التّآكل قامت بالهدف المطلوب في عام 2011. وقامت مجموعة العمل لزيادة التّجاوزات بتقديم مجموعة من القوانين تنظّم عمل بطولة الفورمولا واحد لخمسة مواسم.
وعند حديثه عن القوانين الّتي شارك لو في ابتكارها، يقول: ‘‘من أجل جميع الغايات والأهداف، كانت أرقامنا مطابقة نوعاً ما في نفس المجال، وهو أمرٌ مذهل. تمكّنا من فرض قيود محدّدة على الأزمنة المسجّلة.’’
بالتّأكيد، في فترة هذه القوانين كان الفريق المسيطر هو فريق ريد بُل من دون منازع. ولكن كيف كان سيتغيّر تاريخ البطولة في حال عدم اعتماد تلك القوانين؟ الإجابة عن هذا الجواب ستكون مثيرةً للجّدل.
ويقول نيوي، الّذي انتصرت سيّاراته ب50% من سباقات الجوائز الكبرى المُقامة بين عامي 2009، 2013: ‘‘تغيير القوانين كان قد تمّت مناقشته لعدّة سنوات، وكان من المفترض أن يحصل في بداية موسم 2008.
‘‘تمكَّنتُ، بالإضافةِ لبعض الفرق المحظوظة أيضاً، من تأجيل تقديم القوانين عاماً إضافيّاً. كان هذا أمراً هامّاً جدّاً لفريق ريد بًل، الّذي كان ما يزال صغيراً وشابّاً في تلك الفترة، لم تكن مصادر الفريق وإمكانيّاتهم جاهزة لمثل هذه التّغييرات. كانت مهمّة التّحضير للقوانين الجديدة والقيام بعديد من الأبحاث لتكون أصعب بكثير، لو تمّ اعتماد تلك القوانين لعام 2008.’’