يستعد الإسباني فرناندو ألونسو لموسمه الـ 20 في بطولة العالم للفورمولا 1، وهو موسمٌ يشهد بداية صفحةٍ جديدةٍ بالنسبة له. موسمٌ يمثل مغامرةً نحو المجهول، ولكنه يستعد للفصل الأخير، والأشجع، في مسيرته الحافلة في الفئة الملكة من رياضة السيارات…
قد تتفاوت وجهات النظر حول فرناندو ألونسو، ولكن يمكن للجميع الاتفاق بأنه من السائقين الذين لم يحققوا الإنجازات التي يستحقونها في بطولة العالم للفورمولا 1.
إذ أن ألونسو، الفائز بلقبيه العالميين مع رينو في 2005 و2006، كان على بعد 8 نقاط فقط ليصبح بطلًا للعالم خمس مراتٍ (في 2007، 2010، و2012).
لكن في الوقت ذاته، يمكننا القول أن ألونسو لم يكن محظوظًا بالقرارات التي اتخذها في مسيرته، وهذا الأمر أدى إلى اكتفائه في المنافسة ضمن فرق متوسط الترتيب في الأعوام الماضية، دون إمكانية العودة إلى المنافسة على الفوز بالسباقات، حيث جاء آخر فوزٍ له مع فيراري في 2013.
بعد غيابه عن الفورمولا 1 في 2019 و2020، عاد الإسباني إلى البطولة في 2021، عبر بوابة ألبين، وهو الذي كان يُعرف بفريق رينو الذي حقق ألونسو معه أبرز إنجازاته.
مرةً أخرى، لم يكن بإمكان ألونسو المنافسة في الصدارة، ولعل أبرز ما حققه كان الصعود إلى منصة التتويج في سباق قطر في موسم 2021.
يمكننا القول أن قرار ألونسو بالرحيل عن ألبين مع نهاية العام الماضي، والانضمام إلى فريق أستون مارتن في 2023، كان مفاجئًا جدًا، ولم يكن متوقعًا. لكن، هل هو قرار غريب؟
ببساطة، لا. القرار ليس غريب، ويمكن رؤية المنطق الذي اتبعه ألونسو في قراره، الذي يبقى بالتأكيد محفوفًا بالمخاطر.
في نهاية المطاف ألونسو رحل عن فريقٍ ينافس في صدارة متوسط الترتيب، لينضم إلى فريقٍ كانت لديه سيارة من الأسوأ العام الماضي، وهي خطوة تبدو غير مفهومة ظاهريًا.
بالنسبة لـ ألونسو، فإنه أدرك أن فريق ألبين لن يحقق النتائج المرجوة رغم الاستثمارات الضخمة بدعم رينو، وهو ما كان واضحًا بصراحة منذ الأعوام الأولى من عودة رينو إلى الفورمولا 1 كفريق متكامل في 2016.
كان هدف رينو، على الدوام، الحقبة الجديدة للفورمولا 1، وكان تركيزهم المنافسة على اللقب بالترافق مع التغييرات الجذرية في القوانين التقنية والتي كانت ستحصل في 2021، ولكنها تأجلت للعام التالي إثر جائحة كوفيد-19.
بدأت تلك الحقبة العام الماضي، وترافقت مع عدم تحقيق ألبين لأي تقدمٍ، والاكتفاء بالمنافسة في متوسط الترتيب، بالترافق مع العديد والعديد من مشاكل الموثوقية المكلفة والغريبة بالنسبة لفريقٍ يعتبر من أحد الفرق المصنعية في الفورمولا 1، وهي سمة لا يتمتع بها سوى فيراري، مرسيدس، وريد بُل (بشكلٍ من الأشكال).
هنا جاء القرار الحاسم الذي اتخذه ألونسو، بالترافق مع عوامل إضافية بالتأكيد في ما يتعلق بشروط تجديد عقده مع ألبين، حيث لم يتمهل وقرر اغتنام فرصة اعتزال سيباستيان فيتيل ليخطف مقعده في أستون مارتن في موسم 2023.
إذ أن فريق أستون مارتن يمر بتغييراتٍ جذرية في الوقت الحالي، بناء مصنع جديد، ضم العديد من الخبراء الذين يعتبر أبرزهم دان فالوز، أحد أبرز عوامل نجاح ريد بُل على الصعيد الانسيابي.
بالتالي، بالنسبة لـ ألونسو، هذه مخاطرة لا مانع من القيام بها. هي خطوة نحو المجهول، هو يراهن على نجاح استثمارات أستون مارتن، ونجاحهم في وضع توليفة وبناء أسس متينة لتصميم سيارة متكاملة وتنافسية يمكنها، بعد عدة أعوامٍ من الانتظار، منح ألونسو الفرصة على المراكز التي يستحقها بالفعل.
في حال لم يتحقق ذلك، فإن ألونسو سيجد نفسه مرةً أخرى مع فريقٍ ينافس في متوسط الترتيب، وربما في مراكز أدنى من صدارة متوسط الترتيب، ولكن بالنسبة للإسباني فإنه لا يكترث على المنافسة في صدارة أو مؤخرة متوسط الترتيب، هدفه الوحيد المنافسة في الصدارة.
بالتالي، في حال عدم نجاح رهان ألونسو، وعدم قدرة أستون مارتن على تحقيق المكاسب المرجوة، فإن ألونسو سيكون بشكلٍ أو بآخر في نفس الوضع الذي كان يواجهه مع فريق ألبين، حيث لم تكن هناك أية بوادر للتقدم في ألبين.
ألونسو سيصبح، في موسم 2023، السائق الأكثر خبرة في تاريخ الفورمولا 1، ورغم ذلك فإنه لم يفقد سرعته وقدرته على استخراج أقصى قدرات سيارته، ومن المؤكد أنه سينتظر، وبفارغ الصبر، الحصة التأهيلية في جائزة البحرين الكبرى لمعرفة إن كان قد اتخذ قرارًا صحيحًا من شأنه إعادته إلى عتبات منصة التتويج، ربما ليس في 2023، ولكن (مع وجود بنية متكاملة في أستون مارتن، ونهج صحيح في تطوير السيارة) في 2024.